اقتصاد

الين الياباني قصة عملة تجسد تطور اليابان الاقتصادي

Written by admin

الين الياباني قصة عملة تجسد تطور اليابان الاقتصادي

الين، الرمز النقدي لليابان والمعروف برمز (¥) والكود (JPY)، يحتل مكانة مرموقة في الساحة الاقتصادية العالمية كثالث أكثر العملات تداولاً بعد الدولار الأمريكي واليورو، وكذلك ثالث أهم عملة احتياطية على مستوى العالم.

تاريخ الين ومساره الاقتصادي

الين في برنامج الإصلاح الاقتصادي لعهد مييجي

في نهاية القرن التاسع عشر، وضعت حكومة مييجي خطة طموحة لتحديث الاقتصاد الياباني، متضمنةً إطلاق عملة موحدة في شتى أنحاء البلاد تعتمد على النظام العشري المشابه للأنظمة الأوروبية. قبل تلك الفترة، كانت الفيوداليات تصدر عملاتها الخاصة المعروفة بـ”هانساتسو”، وهي مجموعة متنافرة من العملات المحلية.

قانون العملة الجديدة وميلاد الين

صدر قانون العملة الجديدة في عام 1871 معلنًا عن إلغاء العملات الفيودالية وتأسيس الين، حيث عُرّف بأنه يحتوي على 1.5 غرام من الذهب أو 24.26 غرام من الفضة، مما جعله العملة العشرية الجديدة لليابان. تم تحويل الفيوداليات إلى محافظات وتحولت مصاكّها إلى مصارف تمتلك الحق المبدئي في طباعة النقود.

تأسيس بنك اليابان

للقضاء على الطباعة المتعددة للعملة، تأسس بنك اليابان في العام 1882 ومُنح الاحتكار في التحكم بالمعروض النقدي.

الين بعد الحرب العالمية الثانية

عقب الحرب العالمية الثانية، فقد الين جزءًا كبيرًا من قيمته. وبهدف استقرار الاقتصاد، ثُبت سعر صرف الين بمعدل 360 ين لكل دولار وفقًا لنظام بريتون وودز. مع إلغاء هذا النظام في 1971، تبعته فترات من التقلبات وصولاً إلى قيمة 227 ين لكل دولار بحلول عام 1980.

سياسة الين المتقلبة

منذ العام 1973، حرصت الحكومة اليابانية على إدارة قيمة الين عبر سياسة “تعويم مدار”. كان الهدف هو دعم نظام التصدير الياباني والحفاظ على قيمة الين منخفضة. تغيرت هذه الديناميكية مؤقتًا باتفاق البلازا في 1985، مما أدى إلى تراجع سعر الين بشكل ملحوظ وزيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي الياباني ليقترب من نظيره الأمريكي.

الين الياباني: جذور اسم العملة وتطور نطقها

الين، الوحدة النقدية اليابانية، مستمد من كلمة “円” (إن) التي تعني “دائري” باللغة اليابانية. هذا الاسم يشترك في جذوره اللغوية مع اليوان الصيني والوون الكوري، ويعود ذلك إلى تاريخ تجارة الفضة في الصين حيث كانت تُعرف بالـ “سيكي”. مع وصول العملات الفضية الإسبانية والمكسيكية عبر الفلبين، أطلق عليها الصينيون تسمية “المستديرات الفضية”، ما يشير إلى شكلها الدائري. ومع تطور اللغة، استبدل الصينيون الحرف “圆” أو “圓” بـ “元”، في حين أن اليابان ظلت متمسكة بالكلمة الأصلية التي اتخذت شكل “円” بعد الإصلاحات اللغوية التي تبعت الحرب العالمية الثانية.

تأثير التفاعلات الأوروبية على نطق الين

اللفظ الأوروبي لكلمة “ين”

تعود قصة نطق كلمة “ين” إلى التقاء الأوروبيين مع اليابان في القرن السادس عشر، حيث كان الحرف “え” (إي) والحرف “ゑ” (وِي) يُنطقان بصوت “يي” في تلك الفترة، وهو ما اعتمده البرتغاليون في نطقهم. بمرور الوقت، تحول النطق في اليابانية الحديثة إلى “إي”، لكن بعض المناطق ظلت تستخدم اللفظ القديم.

الإملاء في القواميس الأوروبية

والتر هنري مدهرست، رغم عدم زيارته اليابان أو لقائه يابانيين، استخدم معجمًا يابانيًا هولنديًا ليكتب بعض حروف “إ” كـ “يي” في قاموسه الياباني الإنكليزي في عام 1830. وتبعه جيمس كورتيس هبرن في معجمه الياباني الإنكليزي في عام 1867، حيث لفظ جميع حروف “إ” كـ “يي”.

توحيد الإملاء والنطق

في طبعته الثالثة من القاموس عام 1886، قام هبرن بتصحيح معظم الحروف لتتوافق مع النطق الحديث، لكنه احتفظ بكلمة “ين” كما هي، ومن المرجح أن هذا اللفظ قد ترسخ قبل ذلك وظل مستخدمًا إلى اليوم.

يبدو أن اسم “الين” ونطقه اليوم هو نتاج تفاعل تاريخي معقد بين الثقافات واللغات المختلفة، ويعكس كيف يمكن للعملات أن تحمل بصمات التاريخ والتبادل الثقافي في أدق تفاصيلها.

About the author

admin

Leave a Comment